القلق هو شعور بعدم الارتياح أو الخوف من أمر مجهول أو مستقبلي؟
يُعتبر القلق رد فعل طبيعي تجاه الضغوطات والتحديات. لكن عندما يتجاوز القلق مستوياته الطبيعية ويبدأ في التأثير على حياة الشخص بشكل سلبي ومستمر، يصبح اضطرابًا نفسيًا يحتاج إلى تدخّل علاجي (American Psychological Association, 2013).
يُعتبر القلق رد فعل طبيعي تجاه الضغوطات والتحديات. لكن عندما يتجاوز القلق مستوياته الطبيعية ويبدأ في التأثير على حياة الشخص بشكل سلبي ومستمر، يصبح اضطرابًا نفسيًا يحتاج إلى تدخّل علاجي (American Psychological Association, 2013).

1_ تعريف اضطراب القلق في الطب النفسي
في الطب النفسي، يُعرف اضطراب القلق بأنه حالة مرضية تتميز بمستويات عالية من الخوف أو التوتر تتجاوز المواقف أو التهديدات الواقعية، وتتسبب في تداخل كبير مع الحياة اليومية للفرد. يعتمد الطب النفسي الحديث على معايير تشخيصية واضحة مبنية على تصنيفات مثل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) والتصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) للتعريف وتحديد الأنواع الفرعية من اضطرابات القلق، مثل:
- اضطراب القلق العام
(GAD): يتميز بقلق مفرط ومستمر حول العديد من المواقف الحياتية.
- اضطراب الهلع: يتميز
بنوبات مفاجئة من الخوف الشديد، قد تشمل أعراضًا جسدية مثل ضيق التنفس أو
تسارع ضربات القلب.
- الرهاب الاجتماعي: خوف دائم
من التعرض للإحراج في المواقف الاجتماعية.
- الوسواس القهري (OCD): يتميز
بأفكار وسواسية تؤدي إلى سلوكيات قهرية.
- اضطراب ما بعد الصدمة
(PTSD): يحدث نتيجة التعرض لحدث صادم، ويشمل أعراضًا مثل استرجاع الحدث
وتجنب المواقف المشابهة.
American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (5th ed.).
2_تعريف اضطراب القلق في التحليل النفسي
في التحليل النفسي، يُعتبر القلق مفهومًا مركزيًا يعكس الصراع الداخلي بين الرغبات اللاواعية والقيم الأخلاقية، وهو ما يؤدي إلى التوتر النفسي. وفقًا لنظرية سيغموند فرويد، فإن القلق هو "إشارة للخطر" ويعمل كآلية تحذيرية تحفّز الأنا لتجنّب الأفعال أو الأفكار التي قد تؤدي إلى صراعات نفسية عميقة. فرويد قسّم القلق إلى ثلاثة أنواع:
- القلق الواقعي: رد فعل للأحداث الخارجية التي تعتبر تهديدية (مثل
خوف الشخص من الهجوم أو الإصابة).
- القلق العصابي: ينشأ عندما يكون هناك صراع بين الهو والأنا، حيث
يشعر الشخص بالخوف من فقدان السيطرة على الدوافع الغريزية.
- القلق الأخلاقي: يحدث نتيجة صراع بين الأنا والأنا العليا، حيث يشعر
الشخص بالذنب أو الخجل نتيجة الرغبات التي يعتبرها غير أخلاقية.
. Freud, S. (1926). Inhibitions, Symptoms, and Anxiety. The Standard Edition of the Complete Psychological Works of Sigmund Freud.
أعراض و مظاهر القلق
الأعراض والمظاهر النفسية للقلق حسب الطب النفسي
في الطب النفسي، تُعتبر أعراض القلق متعددة ومتنوعة، وقد تؤثر على الجوانب النفسية والجسدية في حياة الشخص. هذه الأعراض يمكن أن تكون مزعجة لدرجة أنها تؤثر على قدرة الشخص على القيام بالأنشطة اليومية بشكل طبيعي. سأقسم لك هذه الأعراض إلى نفسية وجسدية لتكون الصورة أوضح.
الأعراض النفسية للقلق
- الخوف المستمر والمبالغ فيه: يشعر الشخص بخوف غير منطقي تجاه مواقف عادية قد لا
تشكل تهديدًا حقيقيًا. غالبًا ما يشعر الشخص بالقلق بشكل يومي حول عدة أمور،
مثل العمل أو العلاقات، وهذا يُعرف باضطراب القلق العام
(GAD).
- التوتر وصعوبة الاسترخاء: يجد المصابون بالقلق صعوبة في الشعور بالهدوء، حتى
في أوقات الراحة، كما لو أن لديهم إحساسًا دائمًا بأن شيئًا سيئًا قد يحدث.
- صعوبة التركيز والتشتت: يعاني العديد من المصابين بالقلق من تشتت الانتباه
وضعف التركيز، لأن القلق يجعل الدماغ مشغولًا بالمخاوف، مما يصعّب التركيز
على المهام اليومية.
- التهيج والعصبية: يصبح الشخص سريع الانفعال ويتعرض لنوبات من التوتر
والعصبية، مما قد يؤثر على علاقاته الاجتماعية ويزيد من شعوره بالعزلة.
- الأرق واضطرابات النوم: غالبًا ما يؤدي القلق إلى صعوبة في النوم أو
الاستمرار في النوم، حيث يجد الشخص نفسه منشغلًا بالأفكار القلقة أثناء
الليل، مما يؤثر على جودة النوم ويؤدي إلى التعب.
- زيادة ضربات القلب: يُعتبر تسارع نبضات القلب أحد الأعراض الشائعة
للقلق، ويشعر الشخص بنبضات قوية قد تجعله يظن أنه يعاني من مشكلة قلبية، في
حين أنها ناتجة عن القلق.
- التعرق الزائد: يميل بعض الأفراد إلى التعرق الزائد عند الشعور
بالقلق، خاصة في المواقف الاجتماعية أو خلال أوقات الضغوط النفسية.
- التوتر العضلي: يعاني الأشخاص المصابون بالقلق من تشنجات عضلية
مستمرة، كأنهم يشدون عضلاتهم دون وعي، ما يؤدي إلى آلام مستمرة في الرقبة أو
الكتفين أو الظهر.
- الدوخة أو الدوار: قد يشعر الشخص المصاب بالقلق بالدوخة أو الدوار،
خاصة في الأوقات التي يرتفع فيها القلق، وهذا يمكن أن يكون نتيجة للتنفس
السريع أو القلق المفرط.
- مشاكل في الجهاز الهضمي: يؤثر القلق على الجهاز الهضمي، وقد يسبب آلامًا في
المعدة، غثيانًا، أو حتى متلازمة القولون العصبي
(IBS)، لأن التوتر النفسي يؤثر على عملية
الهضم.
- ضيق التنفس: في حالات القلق الشديد، يشعر بعض الأفراد بصعوبة في
التنفس أو كأنهم يختنقون، خاصة في نوبات الهلع التي تجعلهم يشعرون بأنهم لا
يستطيعون التنفس بشكل طبيعي.
هذا المرجع هو الدليل التشخيصي الذي يستخدمه الأطباء النفسيون، ويحتوي على تصنيف وأعراض اضطرابات القلق.
Craske, M. G., & Stein, M. B. (2016). Anxiety. The Lancet, 388(10063), 3048-3059.
يقدم هذا المرجع شرحًا للأعراض المتنوعة لاضطرابات القلق بناءً على أحدث الأبحاث في هذا المجال.
National Institute of Mental Health. (2020). Anxiety Disorders. Retrieved from
الأعراض والمظاهر النفسية للقلق حسب التحليل النفسي
في التحليل النفسي، يُعتبر القلق ليس مجرد أعراض ظاهرة فقط، بل هو تعبير عن صراع داخلي عميق بين الأنا (ego) والقوى اللاواعية كالرغبات المكبوتة. فرويد ونظريات التحليل النفسي تنظر إلى القلق كنوع من "الإشارة التحذيرية" التي تثيرها صراعات اللاوعي. يمكن القول إن أعراض القلق وفق التحليل النفسي لها طابع أعمق وتُظهر نفسها عبر أنماط مختلفة تتعلق بحالة الشخص الداخلية وعلاقاته مع الآخرين.
الأعراض النفسية للقلق

- التوتر الداخلي والصراع النفسي:
- يُعزى القلق في التحليل النفسي إلى صراع داخلي بين
الأنا ودوافع الهو (Id) أو الضمير الصارم للأنا العليا (Superego). يحدث القلق عندما يشعر الشخص بأن هناك
تهديدًا داخليًا غير واعٍ ينبع من الرغبات أو المخاوف المكبوتة. يترجم هذا
الصراع إلى توتر دائم وشعور بالضيق.
- الأفكار المكررة والمُقلقة:
- تكون هذه الأفكار محملة بمشاعر الذنب والخوف من
فقدان السيطرة على النفس. يحاول الشخص في كثير من الأحيان، عبر سلوكيات قهرية
أو تفكير وسواسي، أن يسيطر على هذه الأفكار، لكن اللاوعي يعيدها إلى الواجهة
كنوع من الصراع المستمر.
- التهرب من بعض المواقف الاجتماعية:
- قد يجد الأشخاص المصابون بالقلق في التحليل النفسي أنفسهم يبتعدون عن مواقف معينة أو يتجنبون التفاعل الاجتماعي. ويرجع ذلك إلى خوفهم من مواجهة الرغبات المكبوتة أو المخاوف التي قد تنشأ في سياق تلك العلاقات
- الكوابيس والأحلام المزعجة:يُعتبر القلق أحيانًا إشارة من اللاوعي يُترجم عبر الأحلام المزعجة. يُعتقد أن الكوابيس هي محاولات الأنا للتعامل مع صراعات نفسية مكبوتة، حيث تظهر رموز في الحلم تمثل الرغبات أو المخاوف المكبوتة. هذه الكوابيس تعكس مستوى القلق وتُعد مؤشرًا على صراع داخلي غير محلول.
- استخدام آليات الدفاع النفسي:
- بسبب القلق، يميل الأشخاص إلى استخدام آليات دفاع
نفسي مثل الكبت، التبرير، الإزاحة، أو الإنكار. هذه الدفاعات هي وسائل الأنا
لحماية الذات من المشاعر المكبوتة أو المخاوف التي لا يمكن مواجهتها بشكل
مباشر، وتعمل على تهدئة القلق ولكن بشكل مؤقت.
- القلق الأخلاقي والندم:
- يظهر لدى البعض القلق كنوع من الخوف الأخلاقي
المرتبط بمشاعر الذنب أو الخجل. في هذا السياق، يكون القلق إشارة من الأنا
العليا (الضمير) الذي يعارض رغبات الهو، مما يؤدي إلى شعور بالذنب الدائم،
وقد يتجسد في أشكال سلوكية كالتردد المستمر أو تجنب اتخاذ القرارات.
- التوتر العضلي والتعب المستمر:
- حسب التحليل النفسي، يتم ترجمة الصراع النفسي إلى
أعراض جسدية كالتوتر العضلي أو التعب المستمر. يُعتبر هذا التوتر بمثابة رد
فعل جسدي يعكس القلق النفسي العميق والمكبوت في اللاوعي.
- آلام في الجهاز الهضمي:
- يعتقد التحليل النفسي أن القلق يمكن أن يؤثر على
الجسم، خصوصًا الجهاز الهضمي، فيظهر على شكل آلام مزمنة في المعدة أو القولون
العصبي. هذه الأعراض تعكس الصراعات النفسية المكبوتة والتوتر العميق.
في هذا الكتاب، يتناول فرويد رؤيته للقلق على أنه إشارة تحذيرية تستخدمها الأنا للدفاع عن نفسها من الصراعات الداخلية.
Laplanche, J., & Pontalis, J.-B. (1973). The Language of Psychoanalysis
يُعد هذا الكتاب مرجعًا في فهم مفاهيم التحليل النفسي ويشرح مفاهيم مثل القلق وآليات الدفاع.
Rycroft, C. (1995). A Critical Dictionary of Psychoanalysis.
يوفر هذا القاموس تفسيرات مبسطة لمفاهيم التحليل النفسي، مثل القلق والصراع الداخلي وآليات الدفاع.
العوامل المؤثرة في القلق
العوامل المؤثرة في القلق بحسب الطب النفسي
في الطب النفسي، يُنظر إلى القلق على أنه ناتج عن تفاعل عدة عوامل، تتراوح بين العوامل البيولوجية، والعوامل النفسية، وكذلك العوامل البيئية. هذه العوامل تعمل معًا أو بشكل منفصل لتزيد من احتمالية إصابة الشخص باضطرابات القلق. سأشرح هنا أبرز العوامل التي تؤدي للقلق بحسب وجهة نظر الطب النفسي.
1. العوامل البيولوجية
- الوراثة:

- تُعتبر
العوامل الوراثية أحد الأسباب الرئيسة في اضطرابات القلق، حيث تشير الدراسات
إلى أن القلق قد ينتقل في العائلات. إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من
القلق، فإن هناك احتمالًا أكبر أن يعاني أفراد آخرون منه أيضًا. يُعتقد أن
بعض الجينات قد تؤثر على كيفية استجابة الدماغ للتوتر والخوف، مما يساهم في
حدوث القلق.
- التغيرات الكيميائية في الدماغ:
- تشير
الأبحاث إلى أن اضطرابات القلق ترتبط بعدم توازن بعض النواقل العصبية في
الدماغ، مثل السيروتونين والنورإبينفرين والدوبامين، وهي مواد كيميائية تنقل
الرسائل بين الخلايا العصبية. هذا الخلل الكيميائي يؤثر على المزاج والتحكم
في الاستجابة للخوف، ويُعتبر من العوامل البيولوجية المهمة وراء القلق.
- تشريح الدماغ:
- الأبحاث
تُظهر أن اللوزة الدماغية (amygdala) تلعب
دورًا هامًا في التحكم في الاستجابات العاطفية مثل الخوف. الأشخاص الذين
لديهم زيادة في نشاط اللوزة قد يكونون أكثر عرضة للقلق، خاصة عندما يواجهون
مواقف محفزة أو غير مألوفة.
- التوازن الهرموني:
- التغيرات
الهرمونية، خصوصًا خلال فترات مثل الحمل أو الدورة الشهرية لدى النساء، يمكن
أن تؤدي إلى زيادة مشاعر القلق. هرمونات مثل الكورتيزول (هرمون التوتر) تلعب
دورًا كبيرًا في تعزيز الشعور بالقلق.
Craske, M. G., & Stein, M. B. (2016). Anxiety. The Lancet, 388(10063), 3048-3059.
- Craske, M. G., & Stein, M. B. (2016). Anxiety. The Lancet, 388(10063), 3048-3059.
- يناقش
هذا المقال العوامل البيولوجية المتعلقة باضطرابات القلق بشكل مفصل.
- التجارب السلبية في الطفولة:
- يواجه بعض
الأشخاص تجارب صادمة أو سلبية في الطفولة، مثل التعرض للعنف أو الإهمال أو
الفقدان، وهذه التجارب قد تزرع مشاعر الخوف وعدم الأمان منذ الصغر، مما يؤدي
إلى تطور اضطرابات القلق فيما بعد.
- الشخصية والسمات النفسية:
- بعض
السمات الشخصية، مثل الكمالية أو الميل نحو التفكير السلبي، قد تجعل الأشخاص
أكثر عرضة للقلق. الأشخاص الذين يعانون من ضعف الثقة بالنفس أو من يجدون
صعوبة في التعامل مع الضغوطات يميلون أيضًا إلى القلق.
- التفكير السلبي والمبالغة في التوقعات:
- الأشخاص
الذين يميلون إلى التفكير السلبي أو الذين يتوقعون الأسوأ بشكل دائم هم أكثر
عرضة للإصابة بالقلق. يتسبب التفكير السلبي في تضخيم المخاوف وجعل الشخص يشعر
بأن الأمور خارجة عن السيطرة.
Beck, A. T., Emery, G., & Greenberg, R. L. (1985). Anxiety Disorders and Phobias: A Cognitive Perspective.
- Beck, A. T., Emery, G., & Greenberg, R. L. (1985). Anxiety Disorders and Phobias: A Cognitive Perspective.
- يعرض
هذا الكتاب رؤية تحليلية حول التفكير السلبي وتأثيره على القلق من منظور
العلاج المعرفي السلوكي.
- الضغوط
الحياتية:
- الأحداث
الصعبة أو الضغوط اليومية، مثل فقدان الوظيفة أو العلاقات العاطفية المعقدة
أو الضغوط المادية، يمكن أن تؤدي إلى زيادة مشاعر القلق. وقد تؤدي الأحداث
الصادمة، مثل الحوادث أو الكوارث، إلى ظهور اضطراب القلق لدى بعض الأفراد.
- النمط
الحياتي:
- بعض
العادات، مثل نقص النوم أو قلة التمارين الرياضية، قد تزيد من احتمالية
الإصابة بالقلق. على سبيل المثال، قلة النوم تؤدي إلى إجهاد الجهاز العصبي
وزيادة استجابة الجسم للتوتر، مما يؤدي إلى القلق.
- التأثير
الثقافي والاجتماعي:
- قد يؤدي
الضغط الاجتماعي، مثل توقعات المجتمع أو المعتقدات الثقافية التي تتطلب
التفوق أو التميز، إلى زيادة مستويات القلق لدى الأفراد. فعلى سبيل المثال،
القلق الاجتماعي ينتشر بكثرة في البيئات التي تُشدد على الانفتاح والعلاقات
الاجتماعية المثالية.
National Institute of Mental Health. (2020). Anxiety Disorders. Retrieved from
- National Institute of Mental Health. (2020). Anxiety Disorders. Retrieved from
العوامل المؤدية إلى القلق في التحليل النفسي
في التحليل النفسي، يتم تفسير القلق من منظور أعمق، حيث يُنظر إليه على أنه ناتج عن صراعات نفسية داخلية بين الأنا، والرغبات اللاواعية، والقيم الأخلاقية للأنا العليا. القلق هنا هو إشارة تُنبه الأنا إلى خطر محتمل أو رغبة مكبوتة قد تؤدي إلى صراع داخلي. سأوضح هنا بعض العوامل التي يُعتقد أنها تؤدي إلى القلق حسب وجهة نظر التحليل النفسي.
1. الصراعات الداخلية بين الأنا والهو والأنا العليا
- التنازع بين الأنا والهو:
- يعتقد
فرويد أن "الهو" يمثل الرغبات الغريزية والشهوات البدائية، بينما
تسعى "الأنا" إلى تحقيق التوازن والتكيف مع الواقع. عندما تحاول
الأنا كبت رغبات الهو أو إخمادها بسبب القيم الاجتماعية أو الأخلاقية، يظهر
القلق كإشارة من اللاوعي. يشعر الشخص بالقلق نتيجة الخوف من فقدان السيطرة
على رغباته أو أن هذه الرغبات قد تنعكس في سلوك غير مقبول.
- الصراع مع الأنا العليا:
- الأنا
العليا تمثل النظام الأخلاقي والمعايير الشخصية. إذا شعر الشخص بأن لديه
رغبات أو أفكارًا تتعارض مع مبادئه الأخلاقية، تنشأ مشاعر القلق. في هذه
الحالة، يكون القلق بمثابة رد فعل نابع من الشعور بالذنب أو الخوف من عقاب
داخلي، لأن الأنا العليا تعارض تحقيق تلك الرغبات.
Freud, S. (1923). The Ego and the Id.
- Freud, S. (1923). The Ego and the Id.
- يتناول فرويد في هذا الكتاب الصراع بين الأنا، الهو، والأنا العليا، وتأثير هذه الصراعات على مشاعر القلق.
- الذكريات المكبوتة من الطفولة:
- في
التحليل النفسي، يُعتقد أن التجارب السلبية أو الصادمة التي يمر بها الشخص في
الطفولة تُكبت وتُخزن في اللاوعي، لكنها تؤثر على الحياة النفسية للشخص
لاحقًا. هذه الذكريات المكبوتة تعود إلى السطح على شكل مشاعر قلق عندما يواجه
الشخص مواقف تثير مشاعر مماثلة. مثلًا، قد يشعر الشخص بالقلق في مواقف معينة
دون معرفة السبب، ويعود هذا إلى أن هذه المواقف ترتبط بشكل غير واعٍ بذكريات
مؤلمة من الماضي.
- الإجهاد الناتج عن الصدمة:
- يرى
التحليل النفسي أن بعض الصدمات قد تُكبت لأنها تسبب ألمًا نفسيًا عميقًا
للشخص، لكنه يحتفظ بها في اللاوعي. يمكن أن يظهر القلق في المستقبل عند
التعرض لأحداث تُعيد إحياء هذه الذكريات المكبوتة، وتظهر الاستجابة على شكل
خوف غير مبرر من تلك المواقف.
Freud, A. (1936). The Ego and the Mechanisms of Defence.
- Freud, A. (1936). The Ego and the Mechanisms of Defence.
- يوضح
هذا الكتاب دور الأنا في الدفاع عن نفسها عبر كبت الذكريات الصادمة التي تؤدي
إلى القلق، وكيف يؤثر ذلك على اللاوعي.
- التهديدات للنرجسية:
- من منظور
التحليل النفسي، عندما يشعر الشخص بأن صورته الذاتية مهددة أو أنه عرضة للفشل
أو النقد، تنشأ مشاعر القلق. يتحدث بعض المحللين النفسيين عن أن الشعور
بالضعف أو عدم الكفاءة يمكن أن يؤدي إلى ظهور قلق نتيجة الخوف من فقدان
السيطرة على الذات أو التعرض للإحراج الاجتماعي.
- الشعور بالعار وعدم الكفاءة:
- يشعر
البعض بالقلق عندما تواجههم مواقف تبرز عيوبهم أو تضعف من صورتهم أمام
الآخرين. هذا الشعور ينبع من الخوف النرجسي من التعرض للعار، مما يزيد من حدة
القلق ويجعل الشخص أكثر ترددًا وخوفًا من الفشل.
Kohut, H. (1971). The Analysis of the Self.
-
Kohut, H. (1971). The Analysis of the Self.
- يناقش
كوهوت في هذا الكتاب فكرة التهديدات النرجسية وكيف يؤدي الشعور بالضعف أو
التهديد إلى ظهور مشاعر القلق.
- آليات الدفاع مثل الكبت والتبرير:
- يتعامل
الأفراد مع القلق عبر استخدام آليات دفاعية تُساعد الأنا على التكيف، مثل
الكبت أو التبرير أو الإسقاط. ومع أن هذه الآليات تهدف إلى تهدئة القلق بشكل
مؤقت، إلا أنها تعزز من القلق على المدى الطويل لأنها تُبقي الصراع النفسي
دون حل.
- التجنب والإزاحة:
- عندما
يكون القلق ناتجًا عن رغبات أو مخاوف يصعب التعامل معها مباشرة، يلجأ الشخص
إلى تجنب بعض المواقف أو الأفراد. مثلًا، قد يُزيح الشخص مشاعره القلقية إلى
موضوع آخر أو يُسقط مخاوفه على الآخرين، لكنه لا يزال يشعر بالقلق لأن الصراع
النفسي الداخلي ما زال قائمًا.
Anna Freud, A. (1937). The Ego and the Mechanisms of Defence.
- Anna Freud, A. (1937). The Ego and the Mechanisms of Defence.
- يقدم
الكتاب تحليلًا لآليات الدفاع النفسي، ويشرح كيف تسهم هذه الآليات في تهدئة
القلق مؤقتًا لكنها تزيده على المدى الطويل.
1. العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy - CBT)
- آلية العلاج:
- العلاج
المعرفي السلوكي يُعتبر من أكثر العلاجات فعالية في التعامل مع اضطرابات
القلق. يعتمد هذا العلاج على تعديل الأفكار غير المنطقية أو المبالغ فيها،
والتي تزيد من مشاعر القلق، وتُحَول تركيز الشخص نحو التفكير الأكثر إيجابية
والواقعية. يعمل المعالج مع المريض لتحديد الأفكار السلبية التلقائية
وتحليلها، مما يساعده على مواجهة تلك الأفكار بطريقة منهجية وواقعية.
- تقنيات العلاج:
- يشمل هذا
العلاج تقنيات مثل "إعادة البناء المعرفي" و"التعرض
التدريجي"، حيث يتم تعريض الشخص بشكل تدريجي للمواقف التي تثير القلق
بهدف تقليل حساسيته لهذه المحفزات، وتعزيز قدرته على مواجهتها دون قلق.
Beck, A. T., Emery, G., & Greenberg, R. L. (1985). Anxiety Disorders and Phobias: A Cognitive Perspective.
- Beck, A. T., Emery, G., & Greenberg, R. L. (1985). Anxiety Disorders and Phobias: A Cognitive Perspective.
- هذا
الكتاب يُعد مرجعًا أساسيًا لفهم العلاج المعرفي السلوكي وتطبيقاته في علاج
اضطرابات القلق.
- آلية العلاج:
- يعتمد
العلاج التعرضي على مواجهة المواقف أو المحفزات التي تثير القلق بشكل تدريجي،
مما يُساعد على تقليل الاستجابة القلقة لهذه المحفزات. الهدف هو أن يواجه
المريض هذه المواقف أو الأشياء التي يتجنبها عادةً حتى يتمكن من التعامل معها
بفعالية.
- تقنيات العلاج:
- يتضمن هذا
العلاج تقنيات مثل "التعرض المتدرج" و"التعرض بالخيال"
أو التعرض المباشر. يبدأ الشخص بمواجهة المواقف التي تسبب قلقًا طفيفًا ثم
يتدرج إلى ما يثير قلقًا أكبر. هذا يساعد في تقليل الحساسية وتحقيق الاستقرار
النفسي.
Foa, E. B., & Kozak, M. J. (1986).
-
Foa, E. B., & Kozak, M. J. (1986). Emotional Processing of Fear: Exposure to Corrective
Information. Psychological Bulletin, 99(1),
20–35.
- يناقش
هذا المقال المبادئ الأساسية للعلاج التعرضي وكيفية تطبيقه في علاج القلق.

- آلية العلاج:
- يعتمد هذا
النوع من العلاج على استكشاف اللاوعي والصراعات النفسية المكبوتة التي قد
تكون وراء مشاعر القلق. يعتقد المعالجون الديناميون أن القلق قد يكون ناتجًا
عن صراعات داخلية غير محلولة في الطفولة أو رغبات مكبوتة.
- التقنيات المستخدمة:
- يعمل المعالج مع الشخص لفهم أعمق لمشاعره وعلاقاته، ومساعدته على إدراك الصراعات الداخلية وحلها. قد يتطلب العلاج الديناميكي فترات زمنية أطول مقارنة بالأساليب الأخرى لكنه يعزز فهمًا عميقًا للأسباب الكامنة للقلق
- Freud, A. (1936). The Ego and the Mechanisms of Defence.
- يقدم هذا
الكتاب خلفية عن العلاج النفسي الديناميكي وكيفية ارتباطه بالصراعات
اللاواعية والقلق.
- آلية العلاج:
- يعتمد
العلاج بالاسترخاء وتقنيات التأمل على تعليم الشخص كيفية التركيز على اللحظة
الحالية وتحرير ذهنه من الأفكار السلبية التي تثير القلق. تُعتبر هذه
الأساليب فعالة في تخفيف حدة القلق الجسدي وتحقيق استقرار نفسي.
- تقنيات العلاج:
- تشمل
تقنيات مثل "التنفس العميق"، "الاسترخاء العضلي
التدريجي"، و"التأمل الواعي"
(mindfulness meditation)، والتي تُعزز من قدرة الشخص على
التعامل مع التوتر وتخفيف أعراض القلق.
Kabat-Zinn, J. (1990). Full Catastrophe Living: Using the Wisdom of Your Body and Mind to Face Stress, Pain, and Illness.
- Kabat-Zinn, J. (1990). Full Catastrophe Living: Using the Wisdom of Your Body and Mind to Face Stress, Pain, and Illness.
- يوضح هذا الكتاب كيفية استخدام تقنيات الاسترخاء والتأمل الواعي في تخفيف التوتر والقلق.
- آلية العلاج:
- يستخدم
العلاج الدوائي كجزء مكمل في بعض الحالات، خاصة إذا كانت أعراض القلق شديدة
وتؤثر على حياة الشخص بشكل كبير. يشمل العلاج أدوية مثل مضادات الاكتئاب (SSRIs)، والتي تعمل على تحقيق توازن النواقل
العصبية في الدماغ، ومهدئات مثل البنزوديازيبينات التي تُستخدم لفترات قصيرة
فقط بسبب احتمال الإدمان.
التأثيرات:
_تساعد
الأدوية في تخفيف الأعراض بسرعة، لكن يتم دمجها غالبًا مع العلاج النفسي
لضمان معالجة الأسباب الجذرية للقلق. يُعتبر الدواء مكملاً وليس علاجًا
دائمًا، حيث يُفضل ألا يعتمد الشخص عليه وحده.
_Baldwin, D. S., & Polkinghorn, C. (2005). Evidence-Based Pharmacotherapy of Generalized Anxiety Disorder. International Journal of Neuropsychopharmacology, 8(2), 293-302.
_Baldwin, D. S., & Polkinghorn, C. (2005). Evidence-Based Pharmacotherapy of Generalized Anxiety Disorder. International Journal of Neuropsychopharmacology, 8(2), 293-302.
_Baldwin, D. S., & Polkinghorn, C. (2005). Evidence-Based Pharmacotherapy of Generalized Anxiety Disorder. International Journal of Neuropsychopharmacology, 8(2), 293-302.
_Baldwin, D. S., & Polkinghorn, C. (2005). Evidence-Based Pharmacotherapy of Generalized Anxiety Disorder. International Journal of Neuropsychopharmacology, 8(2), 293-302.
يناقش
هذا المقال أنواع الأدوية المستخدمة في علاج القلق ومدى فعاليتها.