اضطراب شره الأكل la boulimie

 تعريف اضطراب شره الأكل

اضطراب شره الأكل، المعروف أيضًا باضطراب نهم الطعام، هو اضطراب نفسي يتميز بنوبات متكررة من تناول كميات كبيرة من الطعام خلال فترة قصيرة، يعقبها شعور شديد بالذنب أو العار، دون محاولات لتعويض الأكل أو التخلص منه كما يحدث في اضطراب الشره المرضي العصبي. يتفق الطب النفسي والتحليل النفسي في تحديد معايير أساسية لشره الأكل، ولكن لكل منهما تفسيره للأسباب الكامنة وراءه.

تعريف اضطراب شره الأكل حسب الطب النفسي

في إطار الطب النفسي الحديث، يُعرَّف اضطراب شره الأكل ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي. وفقاً لهذا الدليل، يتميز اضطراب نهم الطعام بـ:

1.      نوبات متكررة من الإفراط في تناول الطعام: يُعرَّف النهم بتناول كمية طعام أكبر مما يتناوله معظم الناس في ظرف مشابه، مع شعور بفقدان السيطرة أثناء النوبة.

2.      تكرار النوبات لمدة لا تقل عن مرة واحدة أسبوعيًا لثلاثة أشهر متتالية.

3.      الأعراض المصاحبة: مثل الأكل بسرعة غير طبيعية، الأكل حتى الشعور بالامتلاء المزعج، تناول الطعام بكميات كبيرة رغم عدم الشعور بالجوع، الأكل بمفرده بسبب الشعور بالحرج، والشعور بالنفور أو الذنب بعد النوبة.

هذا التعريف يركز على الأعراض السلوكية والفسيولوجية دون النظر إلى الدوافع اللاواعية المحتملة. وتُظهر الدراسات أن اضطراب شره الأكل غالباً ما يرتبط بعوامل نفسية كالاكتئاب، القلق، وعدم الرضا عن الذاتAmerican Psychiatric Association, DSM-5, 2013.

تعريف اضطراب شره الأكل حسب التحليل النفسي

من منظور التحليل النفسي، يُنظر إلى اضطراب شره الأكل كتعبير عن صراعات نفسية عميقة تتعلق بعدم الرضا العاطفي أو الفراغ الداخلي. يرى المحللون النفسيون مثل ميلاني كلاين وهاينز كوهوت أن السلوكيات الغذائية القهرية قد تكون وسيلة للتعويض عن مشاعر الحرمان أو عدم الحب، حيث يُعتبر الطعام هنا "مادةً بديلةً" لسد الفراغ العاطفي.

·         ميلاني كلاين (Melanie Klein): تشير إلى أن شره الأكل قد يكون محاولة بدائية للسيطرة على مشاعر القلق الناتجة عن إحساس الفرد بأنه غير محبوب أو غير مرغوب.

·         هاينز كوهوت (Heinz Kohut): من وجهة نظر التحليل الذاتي (Self Psychology)، يرى أن الإفراط في تناول الطعام يعكس انعدام التوازن الداخلي وانخفاض تقدير الذات، مما يدفع الفرد إلى تناول الطعام كوسيلة لإعادة الشعور بالراحة.

يمكن اعتبار النهم في إطار التحليل النفسي كنوع من التثبيت (fixation) في المرحلة الفموية من التطور النفسي الجنسي، حيث يجد الفرد صعوبة في الانتقال عن هذه المرحلة بسبب عدم الإشباع الكافي فيها. وهذا التثبيت يدفعه للجوء إلى الطعام بشكل مفرط كآلية دفاعية للتغلب على مشاعر القلق المرتبطة بهذه المرحلة Klein, M., The Psycho-Analysis of Children, 1932】【Kohut, H., The Restoration of the Self, 1977.

المقارنة بين الطب النفسي والتحليل النفسي في تفسير اضطراب شره الأكل

بينما يركز الطب النفسي على تشخيص السلوك الظاهري المرتبط بنهم الطعام وأعراضه الواضحة، يذهب التحليل النفسي إلى ما وراء الأعراض ليبحث عن دوافع لاواعية كامنة قد تكون مرتبطة بتجارب الطفولة أو صراعات داخلية غير محلولة. يمكن استخدام كلا النهجين بشكل تكاملي، حيث يساعد الطب النفسي في معالجة الأعراض الواضحة عبر العلاج الدوائي أو السلوكي المعرفي، في حين يساعد التحليل النفسي في فهم الجذور العميقة للمشكلة وإعادة بناء العلاقات الداخلية للفرد.

أعراض وعلامات اضطراب شره الأكل حسب الطب النفسي

أعراض وعلامات اضطراب شره الأكل حسب الطب النفسي

في إطار الطب النفسي، تُحدّد أعراض اضطراب شره الأكل وفقًا لـ الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي. وتشمل هذه الأعراض:

1.      نوبات متكررة من تناول الطعام بكميات كبيرة: تناول كميات غير اعتيادية من الطعام خلال فترة زمنية قصيرة، مع شعور بعدم القدرة على التحكم في السلوك الغذائي.

2.      الإفراط في الأكل حتى الشعور بعدم الراحة: الأكل حتى الإحساس بالامتلاء المزعج والمزعج جسديًا.


3.      الأكل بسرعة مفرطة أثناء النوبة: يكون النمط السريع في الأكل علامة بارزة، حيث يصعب على المصاب التوقف حتى في حال الشعور بالشبع.

4.      الشعور بالذنب أو العار بعد النوبة: غالبًا ما يتبع نوبة الأكل شعور قوي بالذنب، الكآبة، أو الاشمئزاز من النفس.

5.      الأكل سرًا: يشعر الشخص بالحرج أو العار من عاداته في تناول الطعام، مما يجعله يتناول الطعام بشكل سرّي أو بعيدًا عن الآخرين.

تؤدي هذه الأعراض إلى تكرار حدوث النوبات على الأقل مرة واحدة أسبوعيًا ولمدة ثلاثة أشهر متتالية. يركز الطب النفسي على هذه الأعراض السلوكية كأساس للتشخيص، مع التأكيد على أن هذه الأعراض تؤدي إلى اضطراب كبير في حياة الشخص اليومية وعلاقاته الاجتماعيةAmerican Psychiatric Association, DSM-5, 2013.

أعراض وعلامات اضطراب شره الأكل حسب التحليل النفسي

من وجهة نظر التحليل النفسي، الأعراض والعلامات المرتبطة بشره الأكل تعبر عن

تجليات لصراعات نفسية عميقة وتلعب دورًا في تنظيم مشاعر الفرد الداخلية:

1.      البحث عن الإشباع العاطفي: يُرى الإفراط في الأكل كوسيلة لإشباع احتياجات عاطفية غير محققة، حيث يرتبط الطعام بشعور الشخص بالأمان.

2.      استبدال العلاقات بالطعام: يرى المحللون النفسيون مثل هاينز كوهوت أن الطعام يمثل علاقة "بديلة" تُخفف من الفراغ العاطفي الذي يعاني منه الفرد. يتيح الطعام وسيلة لإشباع الحاجة للحب والتقدير في ظل غياب دعم عاطفي كافٍ.

3.      التثبيت الفموي: وفقًا لنظرية التحليل النفسي الفرويدي، قد يشير شره الأكل إلى "تثبيت" في المرحلة الفموية، حيث يمثل الأكل مصدرًا للأمان والمتعة التي لم يتم إشباعها بشكل كافٍ في الطفولة. يمكن أن يتجلى ذلك في الحاجة إلى تناول الطعام كطريقة للتعامل مع القلق والتوتر.

4.      الشعور بالعار والذنب اللاواعي: في إطار التحليل النفسي، يرتبط الشره بمشاعر غير واعية من العار أو الذنب نتيجة لصراعات نفسية لم يتم معالجتها، حيث يُعاقب الشخص نفسه عبر الإفراط في الأكل ثم الشعور بالندم.

تحليل ميلاني كلاين لهذا الاضطراب يشير إلى أن المصاب يعاني من شعور داخلي بعدم الأمان والاحتياج العاطفي، وأنه يستخدم الطعام كآلية دفاعية للتغلب على مشاعر الخوف والقلق التي قد تكون متجذرة في تجارب الطفولة المبكرة. هذا التفسير يدعم فحص المشاعر اللاواعية والبحث عن جذور هذه الاحتياجات غير المحققة لتحليل السبب الكامنKlein, M., The Psycho-Analysis of Children, 1932】【Kohut, H., The Restoration of the Self, 1977.

عوامل وأسباب اضطراب شره الأكل حسب الطب النفسي

عوامل وأسباب اضطراب شره الأكل حسب التحليل النفسي

في الطب النفسي، يُفسّر اضطراب شره الأكل كنتيجة لمجموعة من العوامل البيولوجية، والنفسية، والاجتماعية، التي تتداخل لتُحدث اضطرابًا في سلوك الأكل. فيما يلي بعض الأسباب الرئيسية:

1.      العوامل البيولوجية:

o        العوامل الوراثية: تشير الدراسات إلى وجود ميل وراثي لاضطراب شره الأكل، حيث يمكن أن يكون للعائلة تاريخ مرضي مشابه. وقد تكون الجينات التي تؤثر على تنظيم الشهية واستجابة الدماغ للطعام عاملاً رئيسيًا في ظهور الاضطرابHudson et al., Archives of General Psychiatry, 2006.

o        الخلل في الناقلات العصبية: يوجد ارتباط بين اضطراب شره الأكل وخلل في بعض النواقل العصبية، مثل السيروتونين والدوبامين، والتي تؤثر بشكل مباشر على الشهية والتحكم في السلوك، مما يؤدي إلى اضطرابات في تناول الطعامAmerican Psychiatric Association, DSM-5, 2013.

2.      العوامل النفسية:

o        التوتر والقلق: يعاني العديد من المصابين بشره الأكل من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب، واضطراب القلق العام، وضعف التقدير الذاتي. ويستخدم هؤلاء الأكل كآلية للتكيف مع مشاعرهم السلبية، مما يزيد من اضطراب الأكل لديهمKessler et al., Biological Psychiatry, 2013.

o        الاستخدام القهري للطعام: يعاني الأفراد من اندفاعات قوية نحو تناول الطعام، ويستخدمون الأكل كوسيلة للتخلص من الشعور بالضغط، حيث يعتقدون أنه يساعدهم في تنظيم مشاعرهم وتخفيف التوترWonderlich et al., International Journal of Eating Disorders, 2007.

3.      العوامل الاجتماعية والثقافية:

o        الضغط المجتمعي: في الثقافات التي تعطي قيمة عالية للنحافة، قد يعاني الأفراد من ضغط مجتمعي قوي يحثهم على النحافة، مما يزيد من ميلهم إلى الإفراط في الأكل أو الشعور بالعار من عادات الأكلAmerican Psychiatric Association, DSM-5, 2013.

o        التأثيرات البيئية: تعرض الفرد لانتقادات متكررة حول وزنه أو مظهره من قبل الأصدقاء أو العائلة يمكن أن يؤدي إلى مشاعر انعدام الثقة، ويزيد من اضطراب شره الأكل كوسيلة للتعامل مع مشاعر النقص.

عوامل وأسباب اضطراب شره الأكل حسب التحليل النفسي

من وجهة نظر التحليل النفسي، يُعتبر اضطراب شره الأكل نتيجة لصراعات نفسية عميقة تنشأ غالبًا من التجارب المبكرة التي لم يتم حلها. يركّز التحليل النفسي على العوامل اللاواعية والاحتياجات غير المُشبعة التي تؤدي إلى الإفراط في الأكل. أهم العوامل في هذا الإطار هي:

  1. النقص العاطفي والشعور بالفراغ:

o        التعلق غير الآمن: يعتقد المحللون النفسيون، مثل جون بولبي، أن عدم التعلق

الآمن مع الأم أو مقدمي الرعاية في الطفولة يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالفراغ العاطفي. يلجأ الفرد في هذه الحالة للطعام كوسيلة لسد هذا الفراغ العاطفيBowlby, Attachment and Loss, 1980.

o        التعويض النفسي: وفقًا لأفكار هاينز كوهوت حول التحليل الذاتي، يُعتبر الطعام بديلاً للعلاقة العاطفية التي يفتقر إليها الفرد. حين يشعر الفرد بأنه لا يملك الروابط العاطفية الضرورية، يلجأ إلى الطعام كوسيلة لإشباع هذا الاحتياجKohut, H., The Restoration of the Self, 1977.

  1. التثبيت الفموي:

o        وفقًا لنظرية فرويد، قد يكون اضطراب شره الأكل انعكاسًا لتثبيت في المرحلة الفموية من التطور النفسي الجنسي، حيث يشعر الفرد بالحاجة الدائمة لإشباع الرغبات المرتبطة بالطعام كوسيلة للشعور بالأمانFreud, S., Three Essays on the Theory of Sexuality, 1905.

o        يعتقد المحللون أن هذه المرحلة ترتبط بحاجات الأمان والتغذية العاطفية التي لم تُشبَع في الطفولة، مما يدفع الفرد للبحث عن الطعام لتعويض النقص.

  1. آليات الدفاع النفسية:

o        يرى التحليل النفسي أن شره الأكل قد يكون آلية دفاعية تستخدمها النفس لمواجهة القلق والصراعات الداخلية. من خلال الأكل المفرط، يحاول الفرد قمع أو التخفيف من مشاعر القلق أو الذنب المرتبطة بتجارب مؤلمة أو مشاعر غير واعيةKlein, M., The Psycho-Analysis of Children, 1932.

التأثيرات النفسية والجسدية لاضطراب شره الأكل حسب الطب النفسي

في الطب النفسي، يؤدي اضطراب شره الأكل إلى تأثيرات نفسية وجسدية عديدة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد وصحته العامة.

التأثيرات النفسية

1.      الاكتئاب والقلق: يُعد اضطراب شره الأكل من العوامل المرتبطة بزيادة معدل الاكتئاب واضطرابات القلق، حيث يعاني الأفراد من مشاعر عميقة من الذنب والخجل بسبب عاداتهم الغذائية، مما يؤدي إلى تفاقم القلق والاكتئاب لديهمKessler et al., Biological Psychiatry, 2013.

2.      انخفاض تقدير الذات: نتيجة للوصمة الاجتماعية والمجتمع الذي يعزز النحافة كمعيار للجمال، يشعر الأشخاص الذين يعانون من شره الأكل بالنقص وعدم الرضا عن أجسادهم، مما يؤثر سلبًا على ثقتهم بأنفسهمAmerican Psychiatric Association, DSM-5, 2013.

3.      السلوك القهري: يتميز شره الأكل باندفاعات لا يستطيع الشخص السيطرة عليها، مما يزيد من الشعور بالندم والفشل بعد كل نوبة. هذا السلوك المتكرر يرسخ الشعور بعدم القدرة على التحكم ويضعف الإرادة، مما يساهم في نشوء سلوكيات قهريةWonderlich et al., International Journal of Eating Disorders, 2007.

التأثيرات الجسدية

1.      زيادة الوزن والسمنة: نظرًا للإفراط في تناول السعرات الحرارية دون تعويضها بأي نشاط بدني، يؤدي هذا الاضطراب إلى زيادة الوزن، وقد يصل إلى السمنة، مما يزيد من احتمالية الإصابة بمشاكل صحية مثل السكري من النوع الثاني وأمراض القلب.

2.      أمراض الجهاز الهضمي: يواجه المصابون بمشاكل هضمية متكررة مثل الارتجاع المعدي المريئي، الانتفاخ، والإمساك نتيجة للإفراط في الأكل.

3.      ارتفاع مستويات السكر وضغط الدم: يؤدي شره الأكل إلى ارتفاع احتمالية الإصابة باضطرابات في مستويات السكر وضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايينHudson et al., Archives of General Psychiatry, 2006.

التأثيرات النفسية والجسدية لاضطراب شره الأكل حسب التحليل النفسي

من وجهة نظر التحليل النفسي، يرتبط اضطراب شره الأكل بتجليات عميقة لصراعات نفسية غير محلولة تؤدي إلى آثار سلبية على النفس والجسد.

التأثيرات النفسية

1.      الشعور بالفراغ العاطفي: يرى التحليل النفسي أن المصابين بشره الأكل يحاولون سد الفراغ العاطفي الداخلي باستخدام الطعام كبديل، حيث يعانون من عدم الإشباع العاطفي بسبب انعدام الروابط العاطفية الداعمة أو التعلق غير الآمن مع الوالدين في الطفولةBowlby, Attachment and Loss, 1980.

2.      الصراعات الداخلية المكبوتة: يتسبب اضطراب شره الأكل في تراكم المشاعر السلبية، حيث يتعامل المصابون مع الأكل كوسيلة للتخفيف من القلق، مما يؤدي إلى تعزيز الصراعات الداخلية وتفاقم مشاعر التوتر والقلقFreud, Three Essays on the Theory of Sexuality, 1905.

3.      الاحتياج للسيطرة والتعويض النفسي: وفقًا لهاينز كوهوت، يلجأ الأفراد للطعام كوسيلة لاستعادة الشعور بالسيطرة والتعويض عن انعدام الحب أو التقدير من الآخرين، مما يؤثر على استقرارهم النفسي ويزيد من شعورهم بالعارKohut, H., The Restoration of the Self, 1977.

التأثيرات الجسدية

1.      الإرهاق الجسدي والنفسي: يؤدي تناول كميات كبيرة من الطعام في نوبات قصيرة إلى إنهاك الجسم، كما يزيد من الضغوط النفسية المرتبطة بالشعور بالذنب والخجل بعد الأكل.

2.      التدهور في الصحة العامة: في إطار التحليل النفسي، يرتبط شره الأكل بميول نفسية للهروب من الواقع والتجنب، مما يؤدي إلى تجنب السلوكيات الصحية كالعناية بالنفس وممارسة الرياضة، وبالتالي تدهور الصحة العامة.

3.      التوتر المزمن: يؤدي الضغط النفسي المستمر الناتج عن اضطراب الأكل إلى زيادة مستويات التوتر، مما يؤثر على وظائف الجسم الأساسية ويؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، مما يزيد من احتمالات الإصابة بالأمراض المزمنة.

تشخيص اضطراب شره الأكل

يُعد تشخيص اضطراب شره الأكل عملية معقدة تعتمد على معايير محددة متوافقة مع الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي. تُركّز هذه المعايير على السلوكيات النمطية، مثل نوبات الإفراط في تناول الطعام والإحساس بفقدان السيطرة أثناء هذه النوبات.

المعايير التشخيصية حسب DSM-5:

1.      نوبات الإفراط في الأكل المتكررة: تناول كمية كبيرة من الطعام في فترة قصيرة، تتجاوز الكمية التي يأكلها معظم الناس في ذات الظروف، ويصاحبها فقدان القدرة على التحكم.

2.      السلوكيات الت compensatory مثل الصيام المتكرر، أو استخدام الملينات بعد نوبة الأكل.

3.      حدوث النوبات بشكل متكرر: يجب أن تحدث النوبات على الأقل مرة أسبوعيًا لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.

4.      الضيق العاطفي والعار بعد الأكل: يشعر المصابون بشره الأكل بالذنب أو الخجل بعد النوبات، مما يؤدي إلى ضعف التقدير الذاتي وزيادة الضيق العاطفيAmerican Psychiatric Association, DSM-5, 2013.

يمكن استخدام المقابلات السريرية والتقييمات الذاتية التي تشمل استبيانات مثل مقياس اضطراب الأكل أو مقياس تقييم شدة النوبة للمساعدة في التشخيص.

علاج اضطراب شره الأكل

تتنوع أساليب علاج اضطراب شره الأكل في علم النفس وتشمل العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الدوائي، والعلاج النفسي الديناميكي، والتي تهدف إلى معالجة السلوكيات المرضية وتطوير طرق صحية للتعامل مع المشاعر السلبية.

1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

·         يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي أحد أكثر العلاجات فعالية لاضطراب شره الأكل، حيث يركز على تحديد وتعديل الأفكار والسلوكيات غير الصحية المرتبطة بالنوبات.

·         يعمل العلاج السلوكي المعرفي على تطوير مهارات تنظيم الطعام والتحكم في الشهية، وتقليل الدوافع التي تؤدي إلى الأكل القهري. يُستخدم هذا النهج على نطاق واسع مع جلسات علاج فردية أو جماعية، وتظهر العديد من الدراسات فعاليته في تقليل تكرار النوبات وتحسين الحالة النفسية العامةFairburn et al., Cognitive Behavior Therapy and Eating Disorders, 2008.

2. العلاج الدوائي

·         تتضمن العلاجات الدوائية مضادات الاكتئاب، مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، التي تستخدم لتحسين المزاج وتقليل القلق والضيق المرتبط بالنوبات.

·         دواء مثل فلوكستين يُستخدم بشكل خاص لاضطرابات الأكل ويساعد في تقليل نوبات الشره وتخفيف الأعراض المرتبطة بهاHudson et al., New England Journal of Medicine, 2007.

3. العلاج النفسي الديناميكي

·         يهدف العلاج النفسي الديناميكي إلى فهم الصراعات اللاواعية التي تُحفّز سلوكيات الأكل غير الصحية. وفقًا لهذا النهج، قد يكون شره الأكل نتيجة لمشاعر داخلية مكبوتة أو تجارب طفولية لم تحل.

·         يعتمد المحلل النفسي على كشف العلاقات بين الغذاء والعلاقات العاطفية المبكرة، حيث يعتقد أن تناول الطعام بشكل قهري قد يكون تعويضًا لعواطف غير محققة. يُعتبر هذا العلاج ملائمًا لبعض الحالات التي تبحث عن جذور أعمق للسلوكيات، ولكنه يستغرق فترة أطول من العلاج السلوكي المعرفيKlein, M., The Psycho-Analysis of Children, 1932】【Kohut, H., The Restoration of the Self, 1977.

4. التدخلات القائمة على الاسترخاء وتنظيم العواطف

  • يُستخدم تدريب الاسترخاء وتقنيات تنظيم العواطف كجزء من برامج العلاج، بهدف تحسين إدارة القلق وتقليل نوبات الشره عبر استراتيجيات بديلة مثل التأمل أو التنفس العميق.
  • تساعد هذه التقنيات في تحسين ضبط النفس وزيادة القدرة على مواجهة التوتر بطرق صحية.

فعالية العلاجات المختلفة

تشير الأبحاث إلى أن العلاج السلوكي المعرفي يُعتبر الأكثر فعالية في الحد من تكرار النوبات وتحسين جودة حياة المرضى. بينما يساهم العلاج النفسي الديناميكي في إيجاد التفسير العميق للأسباب النفسية، إلا أن النتائج الإيجابية تحتاج لوقت أطول مقارنةً بالعلاج السلوكي المعرفي.

 

تعليقات